|
|
|
|
|
|
|
|
|
الدموع الحائرة قصة قصيرة يرويها محمد ضباشه
|
ذات مساء دقات سريعة متتاليه على باب المنزل كأنها دقات قلب مجهد أضنته الليالى , فقمت مسرعا من فراشى وبسرعة فتحت الباب فوجدت أحد جاراتنا تستنجد بى لآن ابنتها فى حاله عصبية سيئة ينتابها الصراخ والبكاء الشديد فطلبت منها أن تذهب وسوف الحقها بعد دقائق لاغير ملابس , وفعلا وصلت الى مسكنها بعد لحطات , فوجدت فتاة رقيقة جذابة ذات ملامح غاية فى الدقة والجمال تنهمر من عيناها الدموع وتبكى بشده وهى ملقاة على اريكة فى صالة المنزل فحاولت بكل ما أستطعت أن أهدىء من أنفعالاتها الى أن هدئت
وبدأت تروى حكايتها بصوت خافت يحمل دلالات الحزن والاسى , وقالت انها تزوجت من شاب لا تعرفة من قبل وبسرعة تم الزواج وأنتقلت الى بيت زوجها التى تقطن فيه اسرته أمه وأخوته , كانت سعيدة بزواجها مع أنها لم ترتبط به عاطفيا أو كان بينهما من قبل علاقة حب ومع أنها زواجة تقليدية بكل ما تحملة الكلمة من معانى الا انها كانت راضية وسعيدة
وفى تلك الليلة (ليلة الزفاف) كما يسمونها البعض أو ليلة العمر كما يسميها البعض الاخر , استبدلت وفاء ملابسها وأستعدت لقضاء ليلتها مع زوجها , أو تبدأ حياتها كزوجة فى بيت زوجها , وأستعدا الزوجان للقاء الأول الذى ينتظرة كل منهما من الأخر , ومرت الدقائق بطيئة تمشى كالسلحفاة وتوقفت عقارب الساعة عن الدوران وأنطفئت الأنوار , وعدت ساعات أخرى بسرعة الصاروح وكأن الزمن لم يستقر فى تلك الليله على حال أو أن الصيف والشتاء القارص اجتمعان فى تلك الليلة , فأصاب وفاء نوعا من الاضطراب والخوف من اللحظات التى مرت سريعا ومن الساعات التى شلت أمامها فقد فشل اللقاء الاول مع زوجها , فشل اللقاء المنشود والمنتظر , ولكنها لم تهتم كثيرا وأرجعت تلك الحالة التى اصابت زوجها لاسباب عديدة , ولكنها لم تفلح فى معرفة الحقيقة لعدم خبرتها السابقة فى معاشرة الرجال
ومرت الليلة الأولى على وفاء كأنها عمر بأكملة تاه فكرها هنا وهناك , والنار تسرى بجسدها ولا أحد يستجيب فحاولت أن تخمد تلك الرغبة التى امتلكتها لمعاشرة زوجها ولم يفلح هو فى اشباعها ولكنها من كثرت ما عانتة فى تلك الليلة بعد ساعات ومع قرب الفجر سرقها النوم من غضبها وحيرتها وشوقها ولهفتها ونامت
وعلى الجانب الاخر ظل محمود زوجها واجما شارد الفكر لا يستطيع أن يفعل شيئا أو يبرر لزوجته ما حدث أو على الأقل يطمئنها بأنها مسأله عارضة يمكن أن يتعرض لها أى زوج فى بداية حياتة الزوجية الا انه لم يفعل ذلك وأتخذ طريقا أخر بعصبية شديدة وألفاظ خارجة عن الحياء وكأنه يتهم أو يلوم زوجته بأنها المسئوله عن عدم اتمام لقائهما الأول على فراش الزوجية
ومرت الأيام ودارت عجلة الزمن والحال كما هو مازلت وفاء الزوجة التى تعيش فى بيت زوجها منذ شهر عذراء لم يفلح زوجها فى معاشرتها , وهى تمتطى الصبر تارة والبكاء تارة أخرى والندم أنها تزوحت من مثل هذا الرجل مرات ومرات
وبعد أيام علمت أم محمود أن ابنها لم يفلح فى معاشرة زوجتة فبدأت تلذعها بكلمات مسمومة وعبارات قائلة وكأنها تتهمها هى الاخرى بأنها المسئوله عن ذلك وبدأ الحديث
أم محمود : مالك ياوفاء انتى فيكى ايه وليه ابنى مش قادر يكون زوج زى بقية الناس شوفى نفسك يمكن معمولك عمل ولا حد رابطك
وفاء : يا أمى انا كويسة وما عندى مانع يمنعنى من مباشرة حقوقى كزوجة انا قلت لمحمود يذهب للطبيب ويتعالج
أم محمود : ابنى زى الفل وماتقوليش الكلام ده تانى
وفاء : ياخالتى ايه المشكله انا صابرة لحد ما يتعالج
أم محمود : لا شوفى نفسك انت
وظل النقاش مستمرا لساعات ويتكرر كل يوم بالمرات وأم محمود تلوم زوجة ابنها بأنها السبب ووفاء لا تستطيع ان تفعل شيئا مع زوج يرفض الذهاب للعلاج وام تتهمها بأنها ليست على مقدرة لمعاشرة زوجها حتى شكت وفاء فى نفسها وانتابها الخوف من أن تكون فعلا هى المسئوله عن ذلك
عجيب أيها الجهل اللعين , من يتعلق بك تتوه منه الحقيقة وينسى أن لكل داء دواء ولكنك ايها الجهل سرعان ما تحتل مكانك بالعقول لتتوه الفكر عن المسلك الصحيح وترمى بمن يتعلق بك فى دائرة الدجل والشعوذه فتموت الحقيقة ويظل حالنا هو الحال لاننا لم نفكر جيدا ولا نسلك الطريق الصواب هكذا ما فعله محمود وامه مشيا فى طريق الظلام وأمامها مسالك النور والحق والبيان ولكن للجهل أحكام
ومرت أيام أخرى ومحمود دائما يتوهم المرض ويشكو من التعب وتيحجج بحجج واهية لزوجته للهروب منها, وفى وقت صحوه ينهال شتما وسبا لزوجتة حتى سئمت العيشة وكرهت الزواج وتمنت ان تعود لبيت أهلها من جديد وتمحى هذه الصفحة السوداء من حياتها , وبالفعل وبعد مرور شهرين من زواجها عادت الى بيت أهلها
تشعر بالخجل وتنهمر الدموع من عينيها لتكتب على خدودها الورديه قصة زواج فاشل لم يفلح الزوج فى اتمامة أو جعلها زوجة تستعد لآن تكون أما فى يوم من الايام وترسم دموعها وديان من الحزن والكأبه وقد حق المثل الذى يقول لاتأتى الرياح بما تشتهى السفن
أمتطت وفاء بساط الريح وعادت الى بيت اهلها لزيارتهم املا فى أن يعود الزوج ويأخذها الى عش الزوجية وتبدأ تلك الليلة المنحوسة من جديد , ربما تكون أفضل بكثير من المرة السابقة الا انها خاب ظنها فى تلك الزوج القاسى الذى لا يعرف قلبه الرحمة ولا يعترف بحقوق زوجتة عليه , فالزواج كان بالنسبة له ورقة فقط أو حبرا على ورق كتب عليه قصة مأساتها مع هذا الزوج الحزين
انهمرت دموع أم وفاء وشقيقتها سميرة عندما سمعا منها قصتها وهى ترويها وأخذتها أمها فى حضنها لتزيح عنها غبار شهرين من زمن سرق منها ابتسامتها وفرحتها التى اعتادا عليها , وسرق منها أحلامها وأمانيها وجعلها تعيش مع اليأس والحرمان
حكت وفاء حكايتها وفلحنا فى تهدئتها واستعادتها الى حالتها الطبيعية بعد ان فسرت لها ان ما حدث ليست هى المسئوله عنه وأنما المسئول هو الزوج العنيد الذى يرفض اللجوء الى الطب لعلاج حالته وأن ما حدث لا بد أن نأخذه قضاءا وقدرا وأن اللة سبحانه وتعالى لم يرضى عن هذا الزواج واستحال أن يتم بقدرته فلابد لها أن تشكر الله على نعمته عليها بأن جعلها بكرا كما هى وهى تعيش مع زوج عاجز لشهرين كاملين
ومرت الشهور واستعادت وفاء توازنها وبعد ان تيقنت ان زوجها لم يحضر اليها مرة أخرى فكرت جديا فى الطلاق , فتقدمت الى المحكمة لطلب الطلاق وبعد شهور بسيطة حصلت على الطلاق وخرجت من باب المحكمة تحمل لقب سيدة مطلقة وهى لن تتزوج بعد فأحست بمرارة الكلمة الا انها تذكرت قول الله سبحانه وتعالى ( قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ) فشعرت باطمئنان ورضا وبدءت تفكر من جديد وبأسلوب جديد فحفرت ابتسامة على شفتاها وأسكنت السكينه فى قلبها ورسمت لنفسها الحياة كما تحبها وتتمناها
وبدأت الحياة من جديد وما قاستة قى الماضى جعلته حافزا أو دافعا لها لعبور المستقبل بامان وسلام وتعلمت الكثير واضافت لمعارفها ما كانت تجهله من قبل وعلمت انه ليس مع العلم مستحيل ولا مع الأمل خيبة ولا مع الايمان قلب يعرف الاحزان
وبعد فترة من الزمن تقابلنا مرة أخرى ولكن فى هذه المرة لم اجدها كما كانت فى المرة الاولى تنهمر الدموع من عينها وانما وجدتها مبتسمة وسعيدة وتحمل طفلا صغيرا على صدرها وبيدها بنت صغيرة تشببها تماما فتقدمت منها وصافحتها وصافحت زوجها ونظرت الى نظرة ربما فهمت منها انها تريد أن تقول فعلا تحقق كلامك يا أخى ورزقنى الله بزوج أفضل من السابق وأطفال ونسيت دموعى وأحزانى
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|